2022-12-15
470

عرفوا ابناءكم بالله

مقال / علي محمد جمال

رغم تعبى وانا بالعناية المركزة الا انى لاحظت وجود امرأة مسنة بنفس غرفة العناية لا يفصل بينى وبينها الا ستارة يبدوا من صوتها انها تقارب الثمانين من العمر ومن كلامها مع هيئة التمريض انها كانت مسؤلة فى مؤسسة بنكية لم ينقطع صراخها وندائها على ابنائها احمد وسهام من الساعة التاسعة صباحا حتى مغرب هذا اليوم وهى تقول عايزة حضن بنتى ، فين احمد لم تكل ولم تمل من هذا النداء بصورة ازعجتنى وازعجت من فى الغرفة ولا حظت صبر هيئة التمريض عليها . والحقيقة انهم كانوا يعاملونها بلطف وتودد وكانوا يعيدونها ان ابنها وبنتها بالخارج وسوف يقوموا بادخالهم فوراخذها للعلاج وفى حوالى الساعة الرابعة والنصف عصرا لاحظت ان امرأة تتحدث معها يبدوا من كلامها انها زوجة ابنها احمد جلست معها وعاملتها بلطف شديد وهى تسوق مبررات تأخر ابنها احمد عنها وانه فى العمل حيث انه ايضا يعمل فى مؤسسسة بنكية كبرى لكن مازال الالم يعتصر الام بسبب عدم حضور ابنها وابنتها حيث انها بحاجة على حد قولها الى حضن ابنتها يبدو ان الالم الذى يعتصر الام هو الم نفسى بسبب غياب الابناء وليس بسبب الم جسدى خرجت فى مغرب هذا اليوم من العناية ولم تحضر سهام ولا احمد . لقد حرمت سهام امها من حضنها الدافئ كما حرم احمد امه- فى هذا اليوم من الطمئنينه والسكينة التى تجدها الام عندما يجلس وحيدها بجوارها ويوسيها فى مرضها – من اجل مصلحته واعماله . تذكرت كيف يتعب الاباء والامهات. وكيف يحرمون انفسهم من ملذات الحياة ويضحون بالغالى والرخيص من اجل ابنائهم تذكرت كم تعبت هذه المرأة وهى تربى اولادها وهى تعلمهم احسن تعليم وتعدهم لمثل هذ اليوم بل انها ساعدت ابنها ليعمل فى هذه المؤسسة البنكية ظنا منها انه سيكون سندا لها اذا غدر بها الزمان فأذا بها وحيدة بلا سند لان الابن والبنت شغلتهم الحياة عن اعز ما يملكون عن امهم وربما شعر الابن انه لم يقصر وانه ادى ما عليه بمجرد ان اودعها المستشفى ونسى ان الدواء وحده لا يكفى الانسان اذا بلغ من العمر الثمانين يحتاج ان يشعر انه مرغوب ممن حوله والا فقد الامل فى الحياة
ايها السادة قبل ان تعلموا اولادكم وتبحثوا لهم عن مدارس وجامعات ووظائف متميزة عرفوهم بالله اولا لانهم اذا عرفوا الله استخدموا علمهم وثقافتهم ووظائفهم فى بر والديهم ورفعة اوطانهم

التصنيفات : مقالات
استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان