تشرين الصمود

2022-09-30
216

بقلم : الكاتبة نور الهدى القريشي
عندما استحضر ثورة تشرين في مخيلتي … أشعر بمشاعر غريبة تخترق روحي … انها اشبه بأجتماع رياح الخريف العاتية مع نسمة الربيع الناعمة … اشبه بأختلاط ملوحة الماء مع عذوبته… اشبه بأندماج زئير الأسود مع هديل الحمام … تَخترق روحي وتدوي بها افتخارا و عزا و مباهاة… لقد عاصرتُ هذه الثورة بكل افكاري و استشعرتُ بها بكل جوارحي و كنتُ استمدْ منها أملِ بغدِ افضل للعراقْ و شمس مشرقة تشرق في صباح بغداد لتعيد اشعَتها بريق بغداد الدائم … أستمدُ الأمل للقيام دولة عراقية ركيزة قائمة على اساس ثابت ، خصب ، شامخ كأساس أرض هذا البلد … لقد حطمَ المرتزقة الذين يحملون أفكار الجاهلية الاولى آمالي … لقد انتشلوا أرواح أبناء شعبي و نثروا اجسادهم على أرضهم ك نشل وحش كاسر لزهرة متفتحة يانعة ب عنفوانها لتتناثر أوراقها الجميلة وتتبعثر على الأرض … لكن غباء هذا الوحش وهمجيته و نقاط ضعفه الأخرى تمنعه من انتشال الزهرة من جذورها … يا لا حماقته فقد انتشل زهرة وافسح المجال للبراعم أخرى للتنبثق وازهار آخرى للتّفتح … كل ما طالبت به هذه الزهرة أرض امنة خالية من الانقسامات والتفرقة للتنمو فيها … كل ما طالبت به بستاني شاطر يقدر ثَروات أرضها ويسقيها منها … كل ما طالبت به أن لا تذهب ثَروات بستانها المتألقة إلى الأراضي القاحلة خارج حدودها … لم تطلب الكثير بل طلبت أبسط حقوقها … وهيَ أرق واجمل وأرقى من ان تنتشل وتقمع بهذه الطريقة الوحشية … قصص أزهار العراق كثيرة وهذه القصة من آلاف القصص التي قمعت و أنتهكت حرمة حياتها ببساطة … ليس بطبع من يعيش على هذه الأرض الخضوع والخنوع… ليس من طبعه ان يسكت عن الاضطهاد والمهزلة التي ترتكب بحقه … ليس من طبعه ان يرى ثروات أرضه تُصادر وتُسرق ويبقى اخذ موقف المتفرج … لم ولن يستطيع أي أحد أو فئة او جهة سياسية داخلية أو خارجية من قتل الصوت الذي يزئر في قرارة أنفسنا… هذا طبع الإنسان العراقي منذ بداية تاريخه الأول والى الان والى الأبد … لم ولن تخيفنا صرخات الوحوش فينا و اضطهادهم لنا نحن أسود تزئر منذ فجر التاريخ ضد كل أنواع التسلط والانتهازية والتحكم … نحن أعظم من الخضوع للحاكم فاسد … نحن أعظم من السكوت عن حقوقنا المنتهكة و أرواحنا التي ترتقي كل يوم لتعانق السماء ك سرب من الحمام يحلق ليداعب الغيوم ويمتزج جماله مع جمال الغيوم ليشكل صورة فنية يشهدها العالم … نعم هذا شعبي وهذه أرضي والعراق بلدي … سَيُخلق فينا من جديد الثور المجنح ليخيفكم ويحمينا … سَيُخلق فينا كوديا ليطردكم ويوحدنا … سَيُخلق فينا حمورابي ليشرع القوانين الحامية لثرواتنا…
سَيُخلق المتني ليسجل همجية افعالكم في الصفحات المظلمة من التاريخ و يخلد ثورتنا وضمائرنا التواقة للحرية والحياة بخط مسماري مخلد في السطور الأولى من التاريخ … ستبقى شعاراتنا قائمة ( رايد وطن ، نازل أخذ حقي ، بغداد تبقى حرة) تسري في عروق دمائنا ك سريان دجلة والفرات … متجذرة في ارواحنا ك تجذر شجر النخيل في تربة الأرض … متعمقة في أجسادنا بعمق نفط أرضنا … الرحمة والخلود والسلوان لشهداء ثورة شعبي … لم تخلدوا ذكراكم بل خلدتم ذكرانا … ولسنا نحن من نحي ذكراكم بل أنتم من تحيونا ذكرانا

التصنيفات : ثقافة وفنون
استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان