ماذا بعد انتهاء الانتخابات؟

ع.ح.ن-Ihn
بقلم : ر.ت رحيم زاير العتابي
انتهى صَخَبُ الانتخابات، وأسدل الستار على مشهدٍ طويلٍ من الوعود والشعارات والآمال المعلّقة. انتهت حفلة الدعاية التي أنفق فيها المرشحون المليارات، واستُنفرت لأجلها آلاف الملاكات المروّجة، وامتلأت الشوارع باللافتات والصور الضخمة التي اختلطت فيها الابتسامات الزائفة مع الوعود البراقة، حتى تحوّلت المدن إلى معارض عملاقة للوهم.
اليوم انتهى ما يسمّونه بـ “العرس الديمقراطي” الذي لا يأتي إلا كل أربع سنوات، لكنه انتهى كما بدأ… بلا فرحٍ حقيقي ولا نتائج تُبشّر بتغييرٍ يُنتظر. فالوجوه ذاتها عادت، والزعامات نفسها استعادت مواقعها، والنظام الانتخابي نفسه أعاد إنتاج الفشل ذاته، وكأنّ شيئًا لم يتبدّل سوى اللافتات والعبارات.
لقد صمّمت قوى السلطة الطريق الممهّد أمام ممثليها، فكان الفوز حليفًا لمن أرادتهم، بينما بقي الشعب متفرّجًا على فصول جديدة من المسرحية القديمة، بممثلين جدد في الشكل فقط، لكنهم في الجوهر امتدادٌ لذات النهج في الحكم، والفساد، والمحاصصة، وتقاسم النفوذ.
الشعب العراقي الذي حلمَ بحياةٍ كريمةٍ واستقرارٍ وعدالةٍ حقيقية، وجد نفسه مرةً أخرى أمام واقعٍ يزداد قسوة، بعد أن أعاد الكرة، وغطّ في سباتٍ طويلٍ فوق أنقاض ما خلّفه المفسدون من خرابٍ وفقرٍ وحرمان. لقد جنى هؤلاء السلطة والمال والنفوذ، فيما بقي المواطن مطاردًا بالحاجة والعوز، يبحث عن خدمةٍ مفقودةٍ وكرامةٍ منسية.
أما الشارع العراقي فما زال يحلم، لكنه يحلم في وطنٍ يضيق على أبنائه. صار الحلم ترفًا، والتغيير ضربًا من الخيال في ظلّ بقاء الطبقة السياسية ذاتها، بجبروتها واستعلائها وهيمنتها على مقدّرات الدولة.
في مجتمعٍ ارتضى بعضه بالهوان، ورفع شعارات “الشعلية” و“المعلية” بدل الكرامة والعزّة، لا يُنتظر تبدّل الحال. فالتغيير لا يولد من صناديقٍ صُمّمت لتعيد إنتاج ذات الفشل، ولا من أصواتٍ تُباع وتُشترى في سوق السياسة.
ويبقى السؤال الكبير الذي يفرض نفسه بإلحاح:
ماذا بعد انتهاء الانتخابات؟
هل ستبقى الوجوه نفسها.. والنتائج نفسها.. والوطن في الدائرة نفسها؟
هل يتغيير الحال ام مصير مجهول ؟
هل سيبقى الناس ينوحون على حالهم ويكتفون بالشكوى؟
أم أن صحوة الوعي قادمة، تكسر هذا الجمود، وتعيد للوطن هيبته، وللشعب كرامته المسلوبة؟
