حين يستجيب الصدر للنداء تتحول “الغرفة الزجاجية” إلى مشروع إنساني يفتح باب الأمل للعراقيين

2025-11-26
310

ع.ح.نIHN

بقلم رئيس التحرير:رحيم زاير العتابي

في بلد أثقلته الأزمات وتعثّرت فيه أصوات المحتاجين عند بوابات الصمت، خرجت مبادرة “الغرفة الزجاجية” في ساحة التحرير كخطوة بسيطة أراد بها مجموعة من الشباب المتطوعين مساندة المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة. شبابٌ لم يملكوا نفوذًا ولا حزبا ولا دعم جهةٍ ما؛ فقط قلوبهم ومبادرتهم وإصرارهم على خدمة الإنسان. غير أنّ هذه المبادرة تعرضت منذ لحظتها الأولى للتجاهل والاستهانة، ووُصفت بأوصاف قاسية وطالب البعض بردعها وإغلاقها بدل تقديم يد العون لها.

لكنّ المشهد تغير بالكامل عندما وصلت مناشدتهم إلى السيد مقتدى الصدر. فبينما تعامل الكثير مع “الغرفة الزجاجية” وكأنها أمر ثانوي، التقط الصدر جوهرها بسرعة وأحسّ بقيمة الجهد الشعبي الذي يقف خلفها. استجاب خلال ساعات، وأرسل وفدًا يمثله إلى الساحة، ليقف إلى جانب هؤلاء الشباب، ويقدّم لهم الدعم الممكن ويستمع لاحتياجاتهم مباشرة. ومنذ تلك اللحظة، تغيّر اسم المبادرة تلقائيًا في الوعي الشعبي، وأصبحت تُعرف بـ “الغرفة الإنسانية”… اسمٌ وُلِد من أثر الخطوة لا من قرارٍ إداري.

هذه الاستجابة العاجلة لم تكن مجاملة سياسية ولا خطوة علاقات عامة، بل فعل إنساني خالص، جاء في وقت كان فيه الكثيرون منشغلين بصراعات المناصب وتقاسم الكراسي. وفي لحظة انشغل فيها الآخرون بالمكاسب، قدّم الصدر دعمًا حقيقيًا لذوي الاحتياجات الخاصة، وأرسل قافلة عربات خاصة بهم، معلنًا استعداده لرفد المشروع ماليًا ودعوة أبناء خطه، بل والعراقيين عامة، للمشاركة في هذا العمل الإنساني المفتوح.

الأثر الأكبر لم يكن في الدعم نفسه، بل في الصورة التي انعكست في الشارع: آلاف الناس شعروا بأن هناك من يرى أوجاعهم، ومن يستمع إلى صوت الشباب الذين لم يتراجعوا رغم التهميش. وفور إعلان الدعم، امتلأت منصات التواصل بموجة تفاعل غير مسبوقة، عبّر فيها العراقيون عن فرحتهم بالمبادرة، واستعدادهم للمساهمة دون تحفظ. أحسّ الناس لأول مرة أن مشروعًا بدأ من قاع الشارع يُرفع إلى مكانه الصحيح، وأن الخير حين يجد من يتبناه يتحول إلى قوة اجتماعية يمكن أن تغيّر الواقع.

أما أكثر من شعر بالفرق فهم الفئات المشمولة نفسها: المرضى، وذوو الاحتياجات، والعائلات المتعففة. فقد رأوا بأعينهم كيف تنتقل المبادرات من الهامش إلى موضع الاحترام، وكيف يمكن للتعاطي الإنساني الصادق أن يزرع فيهم طمأنينة فقدوها طويلًا.

هذه الخطوة أثبتت حقيقة واضحة:
أن الشعب إذا وجد من ينحاز له بإخلاص، سيستجيب له بمحبة، وأن المبادرات الشعبية، مهما بدت صغيرة، قادرة على أن تصبح مشروعًا وطنيًا حين تجد سندًا صادقًا لا يطلب مقابلًا.

لقد تحولت “الغرفة الزجاجية” من مبادرة محاصرة بالتشكيك إلى “غرفة إنسانية” تفتح بابًا واسعًا للأمل، وتعيد للعراقيين ثقتهم بأن الخير ليس ترفًا، بل ضرورة… وبأن هناك من يقف معهم حين يتخلى الآخرون.

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان