حذارِ من الفاسدين!.. إنهم لا يدخلون عليكم إلا متزيّنين

ع.ح.ن-IHN
في كل دورة انتخابية يتكرّر المشهد ذاته، وكأننا ندور في حلقةٍ مفرغة لا نهاية لها.
منذ أكثر من عشرين عامًا، والعراقيون يُساقون إلى صناديق اقتراعٍ لم تلد سوى الخراب، ويُخدعون في كل مرة بشعاراتٍ باردة من قبيل: “التغيير قادم” و “الأمل في الوجوه الجديدة” و “شارك لتُصلح”.
لكن هذه العبارات، مع تكرارها، فقدت بريقها، وغدت أكثر ابتذالًا من وجوه السياسيين الذين لم يتبدلوا، وإن تغيّرت أسماؤهم.
اليوم، تتعالى مجددًا الأصوات الداعية إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات، وكأنها الترياق المنتظر لأوجاع وطنٍ أنهكته سيوف الفساد، وأضنته صفقات المحاصصة، وسُرّحت كرامته على موائد الساسة الفاشلين.
لكن من يتأمل المشهد بعين البصيرة لا العجلة، يدرك أن المروّجين لهذه الدعوات لا يخرجون عن أربع فئات، لكل منها غاية لا تمتّ إلى الإصلاح بصلة.
الفئة الأولى
احترفت الرقص على الحبال، وتربّت في كنف المنظومة الحالية، فنهلت من فسادها واغتنت من عفنها. تراها كلما اقترب موسم الانتخابات تتجمّل بشعارات “الإصلاح” و”الفرصة” و”الوجوه الجديدة”، بينما حقيقتها امتدادٌ للسلالة ذاتها التي جثمت على صدور الناس عقودًا.
الفئة الثانية
لا تعرف من السياسة إلا الكراهية، ولا تنطلق إلا من حقدٍ على طرفٍ بعينه – التيار الصدري – فتسعى لردعه لا حبًا بالعراق، بل نكايةً به. لا يعنيها مستقبل الوطن بقدر ما يعنيها الخصم، حتى لو تحالفت مع الشيطان لتحقيق مآربها. وهنا تبلغ الخصومة ذروة الانحدار حين تُستبدل البصيرة بالضغينة، والمبدأ بالانتقام.
الفئة الثالثة
فئة الحائرين؛ منهم من ندم بعد أن قاطع لا لأنه اهتدى، بل لأنه حُرم من فتات المغانم. ومنهم من يحسن الظن ويتمنى أن تُفرز الصناديق شيئًا نظيفًا، ناسياً أن الذئاب لا تلد حمامًا، وأن النظام العفن لا يُنتج إصلاحًا مهما طال الأمل.
الفئة الرابعة
فئةٌ طارئة على المشهد السياسي، لا تحمل مشروعًا ولا رسالة، بل تتقن فنون الرقص والجدل، وتُقدّم للعالم صورة هزيلة عن وطنٍ جريح. وقد اتخذ بعضهم من مشهد رئيس أوكرانيا (زيلينسكي) مثالًا يُحتذى، فغدا التقليد أعمى والتجريب عبثًا.
التغيير المزعوم
فهل هذا هو التغيير الموعود؟
أهو استبدال وجوه الفساد بوجوه اللهو والعبث؟
أم هو انحدار إلى هاويةٍ جديدة، أشدّ ظلمةً وضياعًا؟
إن كان هذا هو مستقبل السياسة، فسلامٌ على العراق يوم يُسلَّم مصيره لأصحاب اللهو بدل أهل الكفاءة والحكمة.
ذلك هو الخداع الأكبر: أن تضع صوتك في صندوقٍ يُدار من فوقه بنفس العقول التي دمّرت البلاد، ثم تأمل أن تخرج منه عدالة!
تحذير ووعي
فاحذروا الفاسدين؛ إنهم لا يدخلون عليكم إلا متزيّنين، ولا يقتربون إلا متقمّصين ثوب الغيرة على الوطن والدين.
هم ذئابٌ في ثياب الحملان، يأكلون لحمكم ويمتصّون دماءكم وقوتكم، ثم يتركونكم جياعًا عطاشى.
إيّاكم أن تُخدعوا بابتساماتهم ومصافحاتهم، أو يغرّكم حضورهم في المآتم والمناسبات، فكل ذلك ليس إلا قناعًا يخفي وجوهًا عفنة، وخيانةً عظمى للوطن.
يتاجرون بحياتكم، ويستغلّون آلامكم، ليجعلوا من مصائبكم سُلّمًا إلى كراسيهم العرجاء.
تذكّروا قول المرجعية العليا يوم أغلقت أبوابها في وجوههم: “بابنا مغلق أمامكم”.
فخذوا منها العبرة، ولا تمنحوهم منفذًا إلى قلوبكم، ولا إلى بيوتكم، ولا إلى أصواتكم.
الويل لمن يمدّ لهم يدًا أو يبرّر لهم وجودًا؛ فإنه شريكٌ في جرمهم، ومصيره كمصيرهم.
قوموا عليهم قيام الأحرار، واصرخوا في وجوههم:
لن نكون سلعةً في أسواقكم، ولن تكون حياتنا مطيّةً لمطامعكم، ولن يشتري الوطن من باع نفسه للغرباء.
والله من وراء القصد.
