وسائل الإعلام وتخدير العقول

العراق الحر نيوز :خلف كريم كيوش
الإعلام والصحافة مهنة المتاعب كما يطلق عليها في زماننا هذا، واستطاعت وسائل الإعلام ان تتقدم مرتبة كبيرة في مستوى رقي الأمم وتطورها، حيث توصف وسائل الإعلام دائما بأنها السلطة الرابعة بعد السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية، وهي التي تلعب دورا كبيرا في إيصال وإيضاح الحقائق إلى الجمهور،وتسلط الضوء على مواطن الخلل،ومكامن الخطأ،وهي مرآة تعكس للمجتمع أحواله وتصف له طريق العلاج، ولا نستطيع أن نتخيل أنفسنا بدون وسائل إعلام في وقتنا هذا,أو حتى بدون تلفاز أو مذياع بل في الوقت الراهن لا نستطيع أن نتحرك من مكاننا الى مكان أخر دون أن يرافقنا الحاسوب الشخصي الذي أصبحنا نعجز عن الاستغناء عنه في كل شيء، فالتطور التكنولوجي الذي شهدته أوربا أحدث ثورة في عالمنا العربي لكن ليس هذا ما أريد أن أتطرق إليه, بل أود الإشارة إلى الجانب المتعلق بالفكر حيث يعتبر الإعلام أحد وأبرز وسائل العولمة الحديثة للسيطرة على الشعوب والأمم التي تعاني تخلفا فكريا, فالإعلام يبث مجموعة من الوقائع والأحداث بشتى أنواعها لكن في بعض الأحيان نتناول فيه مواضيع لا ترقى بنا إلى المضي قدما, ومن الملاحظ في السنوات الأخيرة أن بعض وسائل الإعلام ساهمت بتربية جيلا مهووسا بالموسيقى والتقليد الأعمى لكل ما هو غربي مما يجعل عقولنا تستهلك أكثر مما تنتج،والعقل الذي لا ينتج يدخل حالة ركود وتخدير, فالكثير من القنوات الفضائية اليوم تقوم بإبعادنا عن الحقيقة او تظليلها ليس من غير قصد بل هي حرب تمارس من أجل (تخدير العقول) وجعلنا نصدق كل ما نرى ونسمع , وبذلك يغيب رد فعلنا اتجاه أحداث مهمة ومصيرية، أقول ان الغالبية من القنوات الفضائية هي قنوات (موجهة) للأسف الشديد لا للخارج بل بالعكس وذات أجندات دولية تحاول بين الحين والأخر( تخدير العقول) او تضليلها حول قضايا معينة غالبا ما تكون مصيرية ومتجذرة وتناولها بهذه الطريقة او تلك قد يؤدي أحيانا الى دمار النسيج الاجتماعي في داخل البلد” وهنا أستحضر المقولة الشهيرة (لكبلز) وزير الدعاية في زمن هتلر اذ قال : أعطيني إعلام بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي ” وهذا ما خاضه بلدنا العزيز من تجربة مريرة مع تلك الوسائل في الأعوام التي سبقت سقوط النظام السابق او بعده , حيث ساهمت بعضها بعملية (تخدير العقول) عن طريق مخاطبة الجمهور تحت مسميات مختلفة منها ماهو طائفي او قومي او قبلي او وثني او التركيز على قضايا دون الأخرى … الخ ، وبذلك هي بنت لنفسها توجه أبعدها عن الأخلاقيات المهنية والإنسانية المعروفة والمتفق عليها دوليا بلا منازع وبلا شك ، حتى لا نبخس حق بعض وسائل الإعلام الرصينة التي وقفت الى جانب الشعب ومحنته ونظامه الجديد وساهمت ببناء وتقوية أواصر المجتمع ،بعد كل هذا نريد ان نقول ان وسائل الإعلام من خلال ما تبثه من رسائل إعلامية متنوعة لها القدرة على تغيير نظرة الناس اتجاه الحياة وإلى العالم من حولهم طبعا نحو الأسوأ او نحو الأفضل ،من خلال تغيير مواقفهم اتجاه الأشخاص والقضايا، فيتغير بالتالي حكمهم عليها،وموقفهم منها سواء على مستوى الأشخاص والقضايا أو على مستوى القيم والسلوك، يبقى الإعلام عاملاً مؤثراً ورئيساً في عملية التطور والتحول تلك، فمن خلال الرسائل الإعلامية (المعلومات) الصحيحة،أو المشبوهة،أو حتى المكذوبة،التي تقدمها وسائل الإعلام يشكل المتلقي موقفه،إن الإنسان أياً كان لابد أن يكون له حكمه الخاص على كل ما يصادفه في بيئته،من أفراد أو قضايا أو سلوك ،هذا الحكم تشكل لدى الأفراد بناء على المعلومات المتوفرة لديه،ألسنا في طفولتنا نحكم على الأشياء بالصواب أو الخطأ من خلال المعلومات التي يوفرها لنا والدينا وكذلك يفعل أطفالنا انطلاقا من القاعدة نفسها ، في الختام أملنا كبير في مؤسساتنا الإعلامية الكبيرة والرصينة والنزيهة والتي لعبت دورا كبير في أذكاء روح التعاون والمحبة والمحافظة على السلم الاجتماعي لبلدنا العزيز وساهمت ووقفت بكل قوة وجدارة مع النظام الديمقراطي ألتعددي الجديد .