حتمية الثورة على الديمقراطية المستبدة !
بقلم /شيخ صادق الحسناوي
هل يصح وصف الديمقراطية بالاستبداد؟!
وهل ثمة ديمقراطية مستبدة ؟!
هذه واحدة من مشاكل العقل العربي عامة والعقل المسلم بصفة خاصة ، انه عقل يستنتج وفقاً لقواعد معدة مسبقاً ويحكم وفقاً لمسبقاته الذهنية ولايحاول التمرد على (قوالب ) المفاهيم ومصاديقها !
الديمقراطية هي الحلم فاي عاقل يرفضها ويصفها بالاستبداد؟!
ان الديمقراطية ليست هدفا لذاتها انما المهم هو الآثار الناتجة عنها ، ثمار الديمقراطية هي التي تتطلع اليها الشعوب والحريةمن اخطر واهم ثمار الديمقراطية ولامعنى للحرية ان لم تكن سياسية فما معنى حرية التفكير ؟! وحرية الرأي ؟! اذا لم يكن للتفكير والرأي الناتج عنه وعاء يستوعبه ؟!انه يشبه حرية المشي وممارسة الرياضة واستنشاق الهواء !، بديهيات الحياة التي لا تحتاج تشريعاً ولا قانونا ولا رفعاً للحظر عنها او السماح بها !
والحرية اُسّ الديمقراطية التي يفترض ان تؤسس للحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية وهو معيار نجاح الديمقراطية او فشلها ، ربما يطيح بها نهائياً او يديم وجودها وعلى هذا فنتائج الديمقراطية لا تمنع الثورة ولا تنجي احدا منها حتى وفقا للديمقراطية البدائية التي تحدث عنها ارسطو واستثنى من ممارستها النساء والصبيان والعبيد واشترط لها جغرافيابشرية صغيرة يسهل معها احصاء السكان .
لم تفتح الديمقراطية العراقية ذراعيها للحكم الرشيد ولا للعدالة الاجتماعية واتكأت على التوافقية والمحاصصة، والديمقراطية التوافقية بناء هش وهو اضعف اقسام الديمقراطية واصنافها بل هي ديمقراطية شكلية يصادر عبرها رؤساء الاحزاب صوت الشعب ورأيه ثم يعدونه بمنجزات ورفاهية وضمان اجتماعي مذل ومهين فيما تنتعش وتنشط في البلاد عمليات غسيل الاموال وتهريب العملة ومسمى شركات هي اساساً وهمية ولا تمارس اعمالا سوى تبييض العملة وغسيلها تحت يافطة عنوان الشركات الاستثمارية او منظمات المجتمع المدني وبلغت نسبة عمولتها على غسيل الاموال %70 وهي نسبة مهولة جداً ورغم ذلك لم تتوقف لان ارقام الاموال المهربة مهول جدا ايضا ويكفي لان يعيش احفاد احفاد السارق برفاهية وطبقية لايعيشها نبلاء اوربا ولا ارستقراطييها!
استندت هذه الديمقراطية المستبدة الى دستور لم يُكتَب لبناء الدولة باعتراف (زلماي خليل زادة) انما كان اتفاق سلام ثلاثي الاطراف !وهذا الدستور سقطت قيمته بتفسيرات مزاجية وبمخالفات رسمية لمواده اشهرها (العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات )! ولم يتساوى عراقي اطلاقا مع عراقي آخر موالٍ للحاكم ! وعلى سبيل المثال يحرم الضابط من ترقيته سنوات يستحق خلالها ترقية اخرى ويصدر امر بمنح رتبة ضابط لمن لم يعرف معنى العقيدة العسكرية يوما ما، لم تنجح الحكومات اطلاقا في ترسيخ مبدأ العدالة والمساواة ولم تقترب منه بتاتاً سيّما في الوسط الشيعي الذي يغبطه الآخرون بصفته مجتمع النخبة الحاكمة ! بل ان الشيعة تضرروا اكثر من غيرهم ودفعوا ضريبة فساد احزابهم وممثليها وليس من السهل ان يحصل الشيعي على وظيفة مالم يكن قادرا على شرائها من ابسط موظف الى وزير فصاعدا فلكل درجة وظيفية قيمتها المالية !
لا اريد الحديث عن آثار هذا الفساد على اخلاق المجتمع ولا على العقيدة التي اهتزت لدى كثير من الشباب ولا عن تفشي البذاءة والفحش والبهتان الناشىء عن المناكفات السياسية ولا عن خطورة مستقبل التشيع في العراق الذي لاسامح الله سيؤول الى فرق غنوصية باطنية مثل الدروز والاسماعيلية والبابية والبهائية وغيرهم اذا استمر التعصب الحزبي على مسيرته والخطاب العصبوي على ديمومته انما يهمني الحديث عن عوامل الثورة ومقدماتها التي ظهرت للعيان ولابد ان تنجح بحكم مسيرة التاريخ وسننه ولا يمكن لاحد ايقافها فهذه سنة تاريخية وحتمية لا مفر منها لكن المهم ان تكون الثورة جذرية تستأصل الدستور والنظام الفاسد وان تكون ثورة لاجل الدولة لا ان تطغى العقيدة الثورية على الدولة فتساهم بظهور ثورة مضادة ، انها يجب ان تكون مرحلة انتقالية من الثورة الى الدولة والحكم الرشيد لعل الله عزوجل يمن علينا باصلاح ما افسده المفسدون